الأبعاد الثمانية لاستراتيجية التحول الرقمي في الحكومة الإماراتية
تمتد استراتيجية التحول الرقمي للحكومة الإماراتية على ثمانية أبعاد أساسية تضمن تحقيق رؤية القيادة لجعل الإمارات رائدة عالمياً في الاقتصاد الرقمي والحكومة الذكية. هذه الأبعاد الثمانية تشكل نهجاً متكاملاً وشاملاً لتحويل الحكومة إلى بنية رقمية متطورة، بما يعزز من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين ويعزز مكانة الإمارات دولياً.
ويتضمن هذا الإطار الأساسي للاستراتيجية الرقمية الحكومية أبعاداً مترابطة تبدأ من الشمول والإتاحة، وصولاً إلى القدرة على التوقع والاستباقية في تلبية احتياجات المستخدمين. كما تتضمن هذه الأبعاد مرتكزات أساسية لتعزيز الحوكمة والقيادة الرقمية، وتطوير البنية التحتية للبيانات والتحليلات، وتعزيز الشفافية والمساءلة في الخدمات الحكومية
البعد الأول: الشمول والإتاحة
يُعتبر الشمول والإتاحة أساس نجاح أي استراتيجية رقمية في القطاع الحكومي. فمن خلال هذا البعد، تسعى الحكومة الإماراتية إلى ضمان وصول جميع فئات المجتمع إلى خدماتها الرقمية بسهولة وبأساليب مبتكرة، بما في ذلك المواطنين والمقيمين من ذوي الاحتياجات الخاصة أو الأشخاص الذين لديهم قيود في الوصول إلى التقنيات. كما تركز هذه المبادرات على تعزيز المساواة وعدم التمييز في تقديم الخدمات الرقمية، وزيادة مستويات الثقة والاعتماد عليها لدى المستخدمين من مختلف الفئات.
وتشمل جهود الشمول والإتاحة في هذه الاستراتيجية تطوير واجهات مستخدم سهلة الاستخدام وتوفير خيارات متنوعة لتقديم الخدمات الحكومية، بالإضافة إلى تعزيز المعرفة الرقمية لدى المواطنين والمقيمين وتدريبهم على استخدام التقنيات الحديثة. كما تسعى الحكومة إلى إزالة أي عوائق تواجه الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في الوصول إلى خدماتها الرقمية، وذلك من خلال تطبيق معايير الشمول والإمكانية الوصول العالمية.
البعد الثاني: المرونة والقدرة على التكيف
في ظل التغيرات السريعة والمتلاحقة التي تشهدها بيئة الأعمال والخدمات الحكومية، أصبحت المرونة والقدرة على التكيف عاملين حاسمين لنجاح أي استراتيجية رقمية. يُركز هذا البعد من استراتيجية التحول الرقمي الإماراتية على تطوير بنية تحتية رقمية قادرة على التكيف مع التغييرات المستقبلية، وتقديم خدمات حكومية لا تتأثر بالظروف المتقلبة أو الطارئة.
وتشمل جهود الحكومة في هذا الصدد تبني أنظمة وتطبيقات قابلة للتوسع والتكيف مع مختلف السيناريوهات، مع توظيف أحدث التقنيات مثل الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. كما تهدف إلى تطوير بنية تحتية رقمية مرنة وموثوقة، تمكن من التعامل بسرعة مع التغييرات في الطلب على الخدمات الحكومية أو التحديات غير المتوقعة. وبذلك، ستكون الحكومة الإماراتية أكثر قدرة على الاستجابة بسرعة لاحتياجات المواطنين والمقيمين، وتقديم خدماتها بسلاسة وفاعلية حتى في الظروف الطارئة.
البعد الثالث: التركيز على المستخدم
تُعد الحكومة الإماراتية الرقمية ملتزمة بوضع مستخدمي خدماتها في قلب عملية التحول الرقمي. فمن خلال هذا البعد، تسعى الاستراتيجية إلى تصميم تجربة مستخدم سلسة وذات معنى لجميع فئات المجتمع، بما في ذلك المواطنين والمقيمين والزوار. يشمل ذلك تطوير واجهات مستخدم سهلة الاستخدام وتفاعلية، مع إيلاء اهتمام خاص لاحتياجات المستخدمين الفريدة والسلوكيات المتنوعة التي قد يتبعونها عند التفاعل مع الخدمات الحكومية الرقمية.
وتشمل الجهود المبذولة في هذا الصدد إجراء أبحاث معمقة لفهم سلوكيات المستخدمين وتطلعاتهم، وتصميم خدمات حكومية ذكية وتفاعلية تراعي احتياجاتهم المتنوعة. كما تسعى الحكومة إلى تطوير منصات رقمية قائمة على الذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة، لتقديم توصيات وخدمات مخصصة للمستخدم بطريقة طبيعية وممتعة. وبذلك، ستكون تجربة المستخدم هي المحرك الأساسي لتحقيق رؤية الحكومة الإماراتية الرقمية المتمحورة حول المواطن.
البعد الرابع: التكامل الرقمي
إن التكامل الرقمي هو أحد الأبعاد الرئيسية في استراتيجية التحول الرقمي للحكومة الإماراتية. يهدف هذا البعد إلى تطوير بنية تحتية رقمية متكاملة تربط مختلف أجهزة الحكومة وأنظمتها بطريقة سلسة وآمنة، لتسهيل تبادل البيانات والمعلومات وتقديم خدمات متكاملة للمواطنين والمقيمين.
تشمل جهود الحكومة في هذا الشأن تنفيذ عمليات التكامل الرقمي على مستوى البنية التحتية والأنظمة والخدمات. فعلى سبيل المثال، سيتم ربط أنظمة الهوية الرقمية والخدمات الحكومية والشراكات مع القطاع الخاص، لتمكين المستخدمين من الوصول إلى مختلف الخدمات بسهولة وأمان عبر منصة موحدة. كما ستعمل الحكومة على تطوير بوابات وواجهات برمجة تطبيقات (APIs) قوية لتسهيل التكامل بين الأنظمة الحكومية والجهات المعنية.
وبالتالي، سيؤدي التكامل الرقمي إلى تحسين كفاءة العمليات الحكومية وتسريع وتيرة تقديم الخدمات للمتعاملين، مع ضمان أمن البيانات وسريتها. كما سيسهم في تحقيق رؤية الحكومة الإماراتية الرقمية المتمحورة حول المواطن وتعزيز الشفافية والمساءلة في القطاع الحكومي.
البعد الخامس: القيادة والحوكمة
إن نجاح أي استراتيجية رقمية حكومية يعتمد بشكل كبير على القيادة القوية والحوكمة الفعالة. يُركز هذا البعد من استراتيجية التحول الرقمي للحكومة الإماراتية على تعزيز دور القيادة في وضع الرؤى والسياسات الداعمة لتطوير الخدمات الرقمية، وتطبيق نظم حوكمة وإدارة متطورة تضمن تنفيذ هذه الاستراتيجية بكفاءة عالية.
على مستوى القيادة، تقوم الحكومة الإماراتية بتعزيز دور المسؤولين الرفيعي المستوى في اعتماد ودعم مبادرات التحول الرقمي، بما في ذلك تخصيص موارد كافية وتوفير البنية التحتية اللازمة. كما يتم تطوير برامج تطوير القيادات الرقمية لضمان توافر الكفاءات والمهارات المطلوبة لقيادة مسيرة التحول. وعلى مستوى الحوكمة، تعمل الحكومة على تطبيق آليات رقابة وإدارة متقدمة، تضمن تنسيق الجهود بين مختلف الجهات الحكومية وتحقيق الأهداف الاستراتيجية بكفاءة وفاعلية.
وتشمل هذه الجهود تطوير إطار حوكمة رقمي شامل، يحدد الأدوار والمسؤوليات والآليات اللازمة لتنفيذ الاستراتيجية الرقمية. كما تسعى الحكومة إلى تعزيز التنسيق والتكامل بين الجهات الحكومية المختلفة، وتطبيق ممارسات الرقابة والمساءلة المبنية على البيانات والتحليلات المتقدمة. وبذلك ستكون قيادة الحكومة الإماراتية قادرة على توجيه مسيرة التحول الرقمي نحو تحقيق الأهداف الوطنية والارتقاء بتجربة المستخدم.
البعد السادس: البيانات والتحليلات
يمثل البُعد السادس في استراتيجية التحول الرقمي للحكومة الإماراتية أهمية بالغة، حيث يركز على تطوير قدرات الحكومة في مجال البيانات والتحليلات المتقدمة. فمن خلال هذا البعد، تسعى الحكومة إلى تمكين صناع القرار من اتخاذ قرارات مستنيرة وفعالة، بالاعتماد على بيانات دقيقة وشاملة عن احتياجات المواطنين والمقيمين وأداء الخدمات الحكومية.
تشمل جهود الحكومة في هذا الصدد بناء بنية تحتية متطورة للبيانات، بما في ذلك تطوير مستودعات البيانات المركزية وأنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة. كما ستعمل على توحيد مصادر البيانات المختلفة ضمن منصة متكاملة، مع تطبيق أفضل معايير الأمن والخصوصية لحماية هذه البيانات الحساسة. وسيتم تدريب الكوادر الحكومية على استخدام أدوات التحليل البيانية المتطورة، بما يمكنهم من استخراج المعلومات القيمة ودعم عمليات صنع القرار.
إضافة إلى ذلك، ستقوم الحكومة بتطوير منصات رقمية تفاعلية لعرض البيانات والإحصاءات بشكل مرئي وسهل الفهم للمتعاملين. وستتضمن هذه المنصات خصائص متقدمة للتنبؤ والاستشراف المستقبلي، لتمكين الحكومة من التخطيط والاستجابة بشكل استباقي لاحتياجات المجتمع. وبذلك، سيُشكل البُعد السادس رافعة أساسية لتحقيق رؤية الإمارات الرقمية الرامية إلى بناء حكومة قائمة على البيانات والتحليلات المتقدمة.
البعد السابع: الشفافية والمساءلة
يُمثل البُعد السابع في استراتيجية التحول الرقمي للحكومة الإماراتية التزامها بتعزيز الشفافية والمساءلة في القطاع الحكومي. من خلال هذا البعد، تسعى الحكومة إلى تطوير أنظمة رقمية متقدمة تضمن الوصول المفتوح للمعلومات الحكومية والإفصاح عن البيانات والإجراءات بطريقة شفافة وموثوقة، مما يعزز مصداقية الحكومة وثقة المتعاملين بها.
وتشمل الجهود المبذولة في هذا الإطار تطوير بوابات رقمية تفاعلية لعرض البيانات والإحصاءات المتعلقة بأداء الخدمات الحكومية والمبادرات المختلفة. سيتم تزويد هذه البوابات بأدوات متطورة للتحليل والاستبصار البياني، لتمكين المواطنين والمقيمين من الحصول على معلومات شاملة وسهلة الاستخدام. كما ستقوم الحكومة بنشر التقارير والبيانات الحكومية ذات الصلة بطريقة مفتوحة ومنظمة، مع تقديمها ضمن تنسيقات رقمية قابلة للنشر والاستخدام.
إلى جانب ذلك، ستعمل الحكومة على تطبيق آليات رقابة وتدقيق متطورة على العمليات والخدمات الحكومية، باستخدام تقنيات مثل تحليلات البيانات المتقدمة وتحليلات المخاطر. وسيتم ربط هذه الآليات بمبادرات المساءلة والشكاوى الرقمية، لتمكين المتعاملين من الإبلاغ عن أي مخالفات أو انحرافات وضمان معالجتها بشفافية. وبذلك ستكون الحكومة الإماراتية نموذجاً للمساءلة والحوكمة الرشيدة في القطاع العام.
البعد الثامن: التوقع والاستباقية
يُمثل التوقع والاستباقية البُعد الأخير في استراتيجية التحول الرقمي للحكومة الإماراتية، وهو البعد الذي يُعنى بتمكين الحكومة من التنبؤ والاستجابة السريعة للتغيرات المستقبلية. من خلال هذا البُعد، تسعى الحكومة إلى بناء قدرات التنبؤ والاستشراف، لتصبح أكثر استعداداً وقدرة على التعامل مع التحديات الناشئة والاستجابة لاحتياجات المواطنين والمقيمين بشكل استباقي.
وتشمل الجهود التي تبذلها الحكومة الإماراتية في هذا الإطار تطوير أنظمة متطورة للتحليلات المتقدمة والذكاء الاصطناعي، بما يُمكّن صناع القرار من رصد التوجهات والنماذج المستقبلية بدقة. كما تهدف إلى تصميم آليات استشرافية للتنبؤ بالتغيرات المحتملة في الطلب على الخدمات الحكومية أو التطورات التكنولوجية، وذلك لتخطيط وتنفيذ المبادرات المناسبة قبل وقوع هذه التغييرات.
إضافة إلى ذلك، ستعمل الحكومة على تطوير آليات تفاعلية تمكّن المواطنين والمقيمين من المشاركة في رسم ملامح الخدمات الحكومية المستقبلية. وسيُشكل هذا التوجه الاستراتيجي نقطة انطلاق للتحول نحو حكومة رقمية قادرة على التكيف والاستجابة بسرعة وفعالية لاحتياجات المجتمع والمتطلبات المتغيرة على مستوى الدولة.
أهداف الاستراتيجية الرقمية للحكومة الإماراتية
تسعى الاستراتيجية الرقمية للحكومة الإماراتية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الطموحة، بهدف تحويل دولة الإمارات إلى رائدة عالمياً في مجال التحول الرقمي للقطاع الحكومي. من خلال تنفيذ هذه الأهداف، تتطلع الحكومة إلى تقديم خدمات متميزة ومبتكرة للمواطنين والمقيمين، وتعزيز التنافسية الوطنية ورفاهية المجتمع ككل.
أبرز أهداف الاستراتيجية الرقمية للحكومة الإماراتية تشمل: بناء بنية تحتية رقمية متطورة وذكية تكفل تقديم خدمات حكومية سلسة وموثوقة، وتمكين الحكومة من التنبؤ واتخاذ القرارات الاستباقية استناداً إلى بيانات دقيقة وتحليلات متقدمة. كما تهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في القطاع الحكومي من خلال الإفصاح عن المعلومات والإجراءات بشكل مفتوح وسهل الوصول إليها. وفي النهاية، تسعى هذه الاستراتيجية إلى تحقيق التكامل والترابط بين مختلف الجهات الحكومية وتقديم تجربة مستخدم متميزة للمتعاملين.
الآثار المترتبة على تنفيذ الاستراتيجية
تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي
سيكون له آثار بعيدة المدى على مختلف جوانب الحياة العامة والخاصة في دولة الإمارات.
الرقمنة الشاملة للخدمات الحكومية
سيُحدث تغييرات جذرية في تجربة المتعاملين مع الدولة، وسيعزز من كفاءة وفاعلية القطاع العام.
تعزيز دور الإمارات العربية المتحدة
كمركز إقليمي رائد للابتكار التكنولوجي والتطبيقات الرقمية المتقدمة.
تحسين جودة الخدمات الحكومية
وتعزيز سهولة الوصول إليها عبر الوسائل الرقمية.
تجربة أكثر ذكاءً وتفاعلية
مع انخفاض الحاجة للمعاملات والإجراءات التقليدية.
شفافية ومساءلة في القطاع العام
مما يعزز ثقة المجتمع في المؤسسات الحكومية.
اتخاذ قرارات دقة واستباقية
استناداً إلى البيانات والتحليلات المتقدمة.
تكامل وتنسيق بين الجهات الحكومية
تعزيز كفاءة العمليات الداخلية وتقليل التكاليف.
تحسين مستويات الإنتاجية والابتكار
بفضل توظيف التقنيات الحديثة والتحول نحو نماذج جديدة للعمل الحكومي.